منوعات

إمام الدعاة .. مسيرة حافلة لفضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي

يعد الإمام محمد متولى الشعراوى من أبرز الشخصيات المعاصرة فى الدعوة الإسلامية، كما يعد من أشهر مفسرى معانى القرآن الكريم فى العصر الحديث، والتى أطلق هو عليها “خواطرى حول القرآن الكريم”.

مولده ونشأته

ولد محمد متولى الشعراوي، الذى اشتهر باسم متولى الشعراوي، فى 5 أبريل 1911، بقرية دقادوس مركز ميت غمر بمحافظة الدقهلية.

الشيخ الشعراوي في طفولته

التحق بكتاب القرية، وحفظ القرآن الكريم وهو فى الحادية عشرة من عمره. وفى عام 1926 التحق بمعهد الزقازيق الابتدائى الأزهري، وحصل على الشهادة الابتدائية فى 1923، فالتحق بالمعهد الثانوي، فحظى بمكانة خاصة بين زملائه، فاختاروه رئيسًا لاتحاد الطلبة، ورئيسًا لجمعية الأدباء بالزقازيق.

التحق الشعراوى بكلية اللغة العربية سنة 1937، وانشغل بالحركة الوطنية والحركة الأزهرية، فكان يذهب هو وزملائه إلى ساحات الأزهر وأروقته، ويلقى بالخطب الرنانة المعادية للاحتلال البريطاني، مما عرضه للاعتقال أكثر من مرة.

الشيخ الشعراوي في شبابه

تخرج الشعراوى عام 1940، وحصل على العالمية مع إجازة التدريس عام 1943. وقد عين عقب تخرجه فى المعهد الدينى بطنطا، ثم انتقل بعد ذلك إلى المعهد الدينى بالزقازيق، ثم المعهد الدينى بالإسكندرية، وبعد فترة أعير للعمل بالسعودية عام 1950، حيث عمل مدرسًا للشريعة بجامعة أم القرى.

كما عين مديراً لمكتب الأمام الأكبر شيخ الأزهر حسن مأمون 1964، وعين رئيساً لبعثة الأزهر فى الجزائر 1966، عمل أستاذاً زائراً بجامعة الملك عبد العزيز بكلية الشريعة بمكة المكرمة 1970، وفى نوفمبر 1976 أسند إليه وزارة الأوقاف وشؤون الأزهر، فظل فى الوزارة حتى أكتوبر 1978، واختير عضواً بمجلس الشورى عام 1980، واختير عضوًا بمجمع اللغة العربية فى عام 1987.

الشعراوي وإنشاء بنك فيصل الإسلامي

يعد الشيخ الشعراوى أول من أصدر قرارًا وزاريًا بإنشاء بنك إسلامى فى مصر، وهو “بنك فيصل الإسلامي”، ووافقه مجلس الشعب على ذلك.

جوانب من شخصيته

الشعراوي

فيما بين كل معاصريه تمتع الشيخ الشعراوى بقدرة فائقة على اجتذاب أكبر عدد من مختلف الطوائف إلى محيطه الهادى والهاديء، وكان يزداد أتباعًا مع الأيام لأنه لم يكن يهدف بدعوته أو حركته إلى هدف يستعمل هؤلاء فى الوصول إليه على أعناقهم ولا على أكتافهم، وإنما كان يهدف فى بساطة شديدة إلى أن يرتقى بهؤلاء جميعًا فى مدراج الإيمان بالله والهداية إلى طريقه، والسلوك المستقيم، والنفس المطمئنة، والشخصية الآمنة.

ويكاد يكون هناك إجماع على أن هذا الرجل استطاع أن يحقق ما لم يحققه غيره فى بعث الطمأنينة فى نفوس الذين يبحثون عن الإيمان والصواب والحق، حيث يرى البعض أنه خاض على المستوى الشخصى معارك كثيرة فى سبيل الحصول لنفسه على الاتزان النفسى والتوازن الداخلي، ولهذا فإنه كان فى كل أحاديثه قادرًا على الوصول إلى المناطق الرمادية فى الفكر الإنسانى وفى الصراع النفسى ولعل هذا كان بمثابة أحد العوامل البارزة فى نجاحه فى تحقيق ما لم يحققه غيره.

الجوائز والتكريم

منح الإمام الشعراوى وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى لمناسبة بلوغه سن التقاعد فى 15 أبريل 1976، قبل تعيينه وزيرًا للأوقاف وشئون الأزهر.

ومنح وسام الجمهورية من الطبقة الأولى عام 1983، وجائزة الدولة التقديرية عام 1988. حصل الدكتوراه الفخرية فى الآداب من جامعتى المنصورة والمنوفية.

تم تكريمه فى العديد من دول العالم الإسلامي، كان آخرها جائزة دبى الدولية لخدمة القرآن الكريم عام 1997.

سر عدم جلوسه على مقعد وزير الأوقاف

كما يحكى الشعراوى فى لقاء تليفزونى أنه كان لا يجلس على مكتبه فى وزارة الأوقاف وحينما سأله رئيس الوزراء ممدوح سالم عن سر ذلك قال له :”حتى أكون قريبا من الباب لما تمشونى”، غير أنه استقال من منصبه هذا نهاية عام 1978.

الصداقة بين الشيخ الشعراوي والبابا شنودة الثالث

وجمعت علاقة وطيدة الشيخ الشعراوي بالبابا شنودة الثالث، وبدأت عندما مرض الشيخ الشعراوي ودخل إحدى مستشفيات إنجلترا، وبعث البابا شنودة إليه وفدا من الآباء والأساقفة للاطمئنان على صحته، وقدموا له باقة من الورود والشيكولاتة.

وكان البابا شنودة يحتفظ بصورة للإمام الراحل محمد متولي الشعراوي، في مكتبه، ونعاه بكلمات مؤثرة قائلًا: «الله يعلم كم تأثرت بوفاته، كان عالما كبيرا فقيها في اللغة كان محبوبا من شعبه، وكانت صداقتنا تسعد الملايين مسلمين ومسيحيين».

الشعراوي والبابا شنودة

وقال البابا شنودة إنه قدّم للشيخ الشعراوي نسخة نادرة من 20 جزء من كتاب لسان العرب لابن منظور، فرد عليه الشيخ الشعراوي بـ عباءة قدمها له هدية، يقول البابا شنودة: “أهداني الشيخ هدية أفضل مما أهديته”، ومن هنا بدأت العلاقة بين الشيخ والبابا شنودة والتي حفلت بالكثير من المواقف الإنسانية التي رواها الاثنان.

مؤلفاته

للشيخ الشعراوى عدد من المؤلفات، قام عدد من محبيه بجمعها وإعدادها للنشر، وأشهر هذه المؤلفات وأعظمها تفسير الشعراوى للقرآن الكريم، ومن هذه المؤلفات: “الإسراء والمعراج، أسرار بسم الله الرحمن الرحيم، الإسلام والفكر المعاصر، الإسلام والمرأة عقيدة ومنهج، معجزة القرآن، من فيض القرآن، المنتخب فى تفسير القرآن الكريم”.

سر عدم تفسير الشعراوي للقرآن كاملا

اشتهر الشيخ محمد متولى الشعراوى، ببرنامج خواطر الشعراوى لتفسير القرآن الكريم، والذى بدأه على التليفزيون عام 1980، وانتهى حتى أواخر سورة الممتحنة وأوائل سورة الصف، غير أن وفاته حالت دون استكمال بقية القرآن الكريم، ورغم قدرته على التفسير وقدرته على إيصال معانى القرآن الكريم للمستمعين قال الشعراوى عن برنامجه هذا:”خواطرى حول القرآن الكريم لا تعنى تفسيراً للقرآن، وإنما هى هبات صفائية تخطر على قلب مؤمن فى آية أو بضع آيات، ولو أن القرآن من الممكن أن يفسر. لكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى الناس بتفسيره.

الشعراوي وتفسير القرأن الكريم

وفاته

توفى الإمام محمد متولى الشعراوى فى 16 يونية 1998، وقد لقب بـ “إمام الدعاة”.

روي الشيخ عبد الرحيم نجل الشيخ الشعراوي في لقاء تليفزيوني له عن قصة وفاة والده الشيخ محمد متولي الشعراوي عن اخر لحظات إمام الدعاة، حيث قال: “والدي كان يكره المستشفيات والذهاب إليها، إلا أنه قبل وفاته بحوالي 18 يومًا رفض الطعام والشراب والدواء، وحتى الرد على الهاتف المحمول، وانفصل تمامًا عن العالم الخارجي، واكتفى فقط بتواجدنا وتواجد أحفاده حوله”.

وتابع الراحل عبد الرحيم: “والدي قبل وفاته بيومين، طلب مني أن أجهز  لجنازته، وعندما رأى والدي في عيني الدموع قال لي: نعم؟.. من أولها؟.. قد المسؤولية ولا مش قد المسؤولية.. ربنا هيعينك إن شاء الله.. أنا عارف إن أنت اللي هتتحمل ومتتفاجئش وتبقى رابط الجأش ومع بدء الساعات الأولى لليوم الذي توفي والدي فيه قال إنه اليوم الذي سيقابل فيه ربه، وطلب مني تقليم أظافره والاستحمام وأن يلبس ملابس جديدة تماما، وطلب منا أن نتركه، وقال لنا عاوز أقعد مع ربنا شوية”.

كما أضاف في حديثه: “بعد شوية دخلت على والدي لاقيته ينظر لفوق وقعد يقول أهلًا سيدي أحمد.. أهلا سيدي إبراهيم.. أهلًا السيدة زينب.. أهلا والله أنا جايلكم.. أنا استاهل كل ده؟.. أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنك محمدًا رسول الله وطلع السر الإلهي”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى